الخميس، 26 نوفمبر 2015

الطفل الإيراني وكابوس اعدامه


كنت في تاسعة عمري في الصف الثالث الابتدائي وكنت أذهب الى مدرسة ”العدالة” في مدينة إيرانشهر بمحافظة سيستان بلوشستان السنية. تعلمت معنى كلمة ”العدالة” من معلمي الا اني وبعد بضعة اسابيع جربت هذه الكلمة ككابوس موحش برؤية مشهد اعدام في مرأي العام في نفس المدينة.
كنت أنتظر دق جرس المدرسة في آخر ساعة صفي. تركت الصف مع زملائي بفرح وضوضاء متوجها الى بيتي. اذا بصرخة من مكبر الصوت تفاجئت وتوقفت. سمعت يقول: يا ايها الشعب الغيور سيكون مشهدا لاعدام مجرم على عود الاعدام في ساعة 5مساء الغد بميدان ”إيران بيما”. نطالبكم ان تشاهدوا تنفيذ حكم الاعدام....

مشيت مستمرا. كنت اتحدث في نفسي:”اعدام!” ما ذا يعني؟ ما ذا سيفعلون؟ يعني يريدون ان يقتلوا احدا؟لماذا؟ كنت غارق هذه الاسئلة قلت في نفسي: يجب ان أذهب غدا و اشاهد الساحة..
حضرت الساحة غداة يوم ذلك وأوصلت نفسي الى مقدم الجمهور.  كان يعقدون حبلا ازرقا جسيما بعود حديدي منصوب في ميدان إيران بيما و باص صغير كانت متوقفة تحت العود. خطر ببالي: لاي شيء هذا الباص؟
كانت تمضي الثواني مع ضربان قلبي. شاهدت بتقرب سيارة اسعاف من مشهد. حينما توقفت السيارة تم إخراج شخص بملابس السجناء منها ، شاب رشيق القد بعيون كبيرة بحيث يتحدث بعينيه ألف كلام. أرفعوا السجين على سقف الباص و ألقوا الحبل على رقابه. في نفس الوقت حركت الباص وفي حين صرخ  السجين بصوت عال:”الموت لخميني، الموت لرفسنجاني، الموت لخامنئي”
قبل انتهاء كلمة خامنئي المشئومة  تم تفريغ الباص من تحت رجله حيث أصبح الشاب معلقا بين الأرض والسماء. كان يصمد في جدال مع الموت متأرجحا جسده بين الطرفين . بعد 25 دقيقة لم يكن مهتزا الحبل ولا سجين  
جاء حرسي بلثام اسود كخفاش واضع خنجر بفمه. قفز على العود الحديدي متزامنا بمجيء سيارة ذات حمولة تحت جثة السجين. قطع الحرسي الحبل وألقيت الجثة داخل السيارة بصوت عال كصوت كسر العظم....
غمضت عيني دون ارادة. لا أدري لماذا ذكرت كلام معلمي المذكور الذي كان يترجم لنا معنى كلمة ”العدالة”. توجهت الى بيتي. قد غمر الخوف بكاملي. لم أكن قادرا على المشي وتقشعرت جلودي. كان لي حالة القيئ ووصلت بالبيت صعبا. قلت لامي عندي كسالة دون ذكر ما شاهدته آنفا. كان اول مرة رأيت مشهد الاعدام والموت التدريجي لمرء وانا في تاسعة عمري. جاء اول كابوس حياتي ذلك الليل و تكرر في الليل الآتي. أصبت بحمى 3 ليل ونهارا و كنت أحلم ذلك السجين كل ليل. اسمع صوت صراخه : الموت لخامنئي رغم انه لم يكن قادرا على صراخ كلمة خامنئي بالكامل لكني عاهدت ان احقق شعاره الموت لخامنئي مهما كلف الثمن حتى تحقيق العدالة التي تعلمت معناه ذلك اليوم
عندما كنت أقرآ برنامج السيدة مريم رجوي بعشرة المواد رأيت في المادة الثالثة: لغو عقوبة اعدام.. و قلت لنفسي: في إيران الغد لن يحلم احد كابوسا...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق